«أسعار اللحوم» ثلاثة في قفص الاتهام| الجزارون.. والمزارع الكبرى.. ومستوردو الأعلاف

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتبت: مروة أنور


من المسئول عن ارتفاع أسعار اللحوم في الفترة الأخيرة؟ هل هم أصحاب المزارع أم الجزارين؟. وهل ارتفاع أسعار الأعلاف هو السبب الحقيقي؟. أم إنه مجرد ستار يخفى وراءه أصحاب المزارع رغبتهم فى التربح السريع؟.

وما تأثير ذلك على المربين الصغار؟. وما خطة الدولة للتصدى لموجة ارتفاع أسعار اللحوم؟. وما تأثير أزمة السودان على استيراد مصر للماشية؟. وما الوسائل التى يمكن توفيرها للمربين البسطاء وأصحاب المزارع الصغيرة لتفادى هذه المشكلة؟. هذا التحقيق يحاول الإجابة عن كل هذه التساؤلات.

◄ استيراد 170 ألف رأس ماشية أسعد الجزارين وصدم أصحاب المزارع الكبيرة

◄ الجزارون: جشع أصحاب المزارع الكبرى وراء ذبح العجول الصغيرة يوميا

حمادة محمد، جزار بمحافظة الجيزة، يوجه أصابع الاتهام وراء زيادة الأسعار إلى أصحاب المزارع: «الكثير من أصحاب المزارع يستغلون أزمة ارتفاع أسعار الأعلاف التى ظهرت نهاية العام الماضى رغم حدوث انفراجة منذ أكتوبر 2022، ومن ذلك الحين وهم يتشدقون بحجة ارتفاع أسعار الأعلاف للمبالغة فى أسعار المواشى وتحقيق هامش ربح كبير»، لافتًا إلى أن سعر كيلو اللحم الجاموسي وصل إلى 350 جنيها، وكيلو الجديان بـ270، بينما يصل سعر كيلو الضأن إلى 260 جنيها.

فيما يقول أيمن فوزي، (جزار بالجيزة): «جشع أصحاب المزارع الكبرى لتربية المواشى أدى إلى ذبح عشرات العجول الصغيرة يوميًا فى المجازر»، مشيرًا إلى أن هناك انفلات فى المجازر وتسهيل عمليات الذبح للعجول الصغيرة، ويصل سعر كيلو العجل الكندوز بين 300 إلى 350 جنيهًا، بينما يتراوح سعر كيلو اللحم الجاموسى الكبير بين 250 و280 جنيهًا، والضأن بـ260 جنيهًا.

ويقول محسن محمد، (جزار بمنطقة باب الشعرية بالقاهرة): «الجزار آخر حلقة فى أزمة ارتفاع أسعار اللحوم، وهو المتضرر الأول مثل الزبون، فهو لا يستطيع البيع أو الشراء فى ظل ارتفاع أسعار العجول، لأنه لا يستطيع تحقيق ربح من وراء الذبائح، لأن التاجر لا يستفيد من الفرق بين السعر المجزر والمستهلك، لأنه بعد تشفية الذبيحة تخسر نحو نصف وزنها، ويمكن أن يصل سعر كيلو اللحم إلى 280 جنيهًا، وهو ثمن التكلفة فقط، والجزار يخشى وضع هامش ربح مرتفع».

◄ أصحاب المزارع
من ناحية أخرى، يقول مجدى عبدالهادى (صاحب مزرعة ماشية بمدينة العاشر من رمضان): «اتهام أصحاب المزارع بأنهم المسئولون عن ارتفاع أسعار اللحوم، عار من الصحة، لأن هناك أصحاب مزارع بلدى صغيرة، والعديد منهم عزف عن التربية بسبب ارتفاع تكلفة تسمين العجول، والسبب الحقيقى هو مستوردو الأعلاف وأصحاب المزارع الكبيرة المستوردون للمواشي، بالإضافة إلى اضطراب الأوضاع فى السودان الذى كانت مصر تعتمد على استيراد لحومها منه».

ويتوقف مجدى عند تكلفة التحصينات باعتبارها ضلعًا أساسيًا فى ارتفاع أسعار المواشي، وهذه التحصينات تحمى العجول من الإصابة بالأمراض مثل الحُمى القلاعية والآى بى آر، وحمى الـ3 أيام والموت المفاجئ وغيرها، ويقول: «لا ينتهى الأمر عند ارتفاع تكلفة التغذية للعجول فحسب، بل يمتد ليشمل ارتفاع أسعار التحصينات المستوردة والمحلية التى تم تطويرها للوقاية من الأمراض، وهذه الأسباب جعلت العديد من المزارعين يعزف عن تربية العجول البلدى ويتجة إلى المستورد».

فيما يقول محسن عبدالقادر (صاحب مزرعة بالجيزة): «بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف تم التوصل إلى خلطات أعلاف معينة تُسمى (السلاج والدريس والتبن والعلف المركز)، وهى أقل نسبيًا فى التكلفة، كما ذهب العديد من أصحاب المزارع إلى بدائل الأعلاف، ولكن ليس من السهل أن تكون هذه البدائل بنفس الكفاءة، والمشكلة الرئيسية أن كل الأعلاف أصبحت تكلفتها باهظة وحتى البدائل وجميع الخامات المستخدمة فيها تكلفتها مرتفعة جدًا».

ويوضح: «أسعار الأعلاف تتضاعف يوميًا، فعلى سبيل المثال كنا نشترى كيلو العلف بـ7 جنيهات، وأصبح الآن بـ20 و25 جنيهًا، ما جعل الكثير من المربين يبيع العجول الصغيرة تحت السن للتخلص من تكلفة التربية، ما يؤثر فى الثروة الحيوانية بمصر».

◄ اقرأ أيضًا | أسعار اللحوم الحمراء اليوم 27 يوليو

◄ شعبة القصابين
ولمعرفة من المتسبب فى أزمة ارتفاع أسعار اللحوم، التقينا محمد ريحان، نائب رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية، الذى وجه أصابع الاتهام إلى المستوردين والكيانات الكبرى، لأنهم المتحكمون فى أسواق اللحوم. وقال: «هذه الأسعار المرتفعة جاءت نتيجة مبالغة المستوردين من أصحاب المزراع الكبرى للحصول على هامش ربح مرتفع، فى الوقت الذى عزف الكثير من أصحاب المزارع الصغيرة والفلاحين البسطاء عن تربية المواشى بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة التى لا تؤدى وظيفتها فى تغذية العجول المستوردة بشكل جيد، بينما تخفق فى تغذية العجول، ما جعل المربين يتجهون إلى تربية المواشى المستوردة وتركوا البلدي، وللحد من جشع كبار المستوردين قامت وزارة الزراعة باستيراد 170 ألف رأس ماشية، وهو خبر مبهج للجزارين وأسود بالنسبة لأصحاب المزارع الكبيرة».

◄ صغار المربين
فيما يحذر حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، من عزوف الفلاحين عن تربية العجول بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة وتحكم الكيانات الكبرى فى استيراد المواشي، ويقول: «كل هذا أدى إلى خروج الفلاحين البسطاء من دائرة التربية لعدم قدرتهم على مواكبة الأسعار الباهظة، بخلاف أن هذه الأعلاف لا تؤتى ثمارها بالنسبة للحيوان البلدي، ودائمًا ما تشير أصابع الاتهام إلى التاجر والجزار وتصورهم على أنهم يستغلون الظروف ويضعون تسعيرة مرتفعة للحوم، فى حين أنهم أول المتضررين من ارتفاع أسعار الماشية».

ويشير نقيب الفلاحين إلى 3 أسباب وراء ارتفاع أسعار اللحوم، الأول هم مستوردو الأعلاف، ثم أصحاب المزارع الكبرى للمواشى المستوردة، وهم طرف رئيسى كونهم المسئولين الفعليين عن الأزمة، وأخيراً أزمة السودان لأن مصر كانت تستورد منه أكثر من 50% من اللحوم. ويقترح إنشاء هيئة تابعة للحكومة منوطة بصرف الأعلاف للبسطاء من المربين والفلاحين.

ويوضح أن إنتاجنا من اللحوم الحمراء يغطى أقل من 60% من احتياجتنا ونعانى عجزًا فى إنتاج اللحوم الحمراء يزيد على 40% يتم استيراده من الخارج ويفتقد المربون وأصحاب المزارع للمراعى الطبيعية، وهو ما يجعل مربو الماشية يعتمدون بشكل أساسى على الأعلاف المزروعة أو المصنعة عالية التكاليف، وتتضاعف المشكلة خصوصًا فى ظل زيادة تعداد السكان فى مصر لأكثر من 105 ملايين نسمة دون أن يقابل ذلك زيادة فى أعداد المواشى التى لا تزيد على 8 ملايين رأس ماشية تقريبًا، بجانب نحو 2 مليون و900 ألف رأس من الأغنام والماعز والجمال. 

ويطالب صدام الحكومة بمزيد من الدعم المادى والمعنوى لقطاع الثروة الحيوانية لتقليل الفجوة ما بين الإنتاج المحلى والاستهلاك من اللحوم الحمراء، والحفاظ على استمرار عمل ملايين العاملين فى هذا القطاع الحيوى الذى يعتبر مصدر رزقهم الرئيسي.